قال اتحاد شركات التأمين المصرية أنه أحدث الذكاء الاصطناعي تحولًا جذريًا في صناعة التأمين، حيث لم يعد مجرد أداة مساعدة، بل أصبح جزءًا لا يتجزأ من العمليات الأساسية. هذا التحول يشمل جوانب متعددة من سلسلة القيمة التأمينية، من الاكتتاب وتقييم المخاطر إلى معالجة المطالبات وخدمة العملاء.
الذكاء الاصطناعي لا يمثل تهديدًا لوظائف التأمين
وأشار في نشرته الأسبوعية الى أن الذكاء الاصطناعي لا يمثل تهديدًا لوظائف التأمين بقدر ما يمثل دعوة للتطور والابتكار؛ لذا فإن مستقبل صناعة التأمين يكمن في التعاون الفعال بين القدرات التحليلية للذكاء الاصطناعي والخبرة البشرية المتميزة.
تعزيز الكفاءة والدقة في العمليات
ويساهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين كفاءة ودقة العمليات التأمينية، ففي مجال تقييم المخاطر والاكتتاب تستطيع خوارزميات الذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من البيانات، بما في ذلك البيانات التاريخية، وأنماط السلوك، وحتى البيانات المستقاة من أجهزة الاستشعار (مثل تلك الموجودة في السيارات أو المنازل)، لتقديم تقييمات أكثر دقة للمخاطر. هذا يمكن شركات التأمين من تسعير الوثائق بشكل أكثر عدلًا وتخصيصًا، مما يعود بالنفع على كل من الشركة والعميل.
[[system-code:ad:autoads]]
أما في معالجة المطالبات فيمكن للذكاء الاصطناعي ميكنة العديد من المهام الروتينية، مثل التحقق من صحة المطالبات، ومطابقة البيانات، وحتى الكشف عن الاحتيال من خلال تحليل الأنماط المشوهة في المطالبات، يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي تجديد الأنشطة الاحتيالية المحتملة بسرعة وفعالية، مما يوفر على شركات التأمين خسائر مالية كبيرة. هذا لا يسرع فقط من عملية معالجة المطالبات، بل يزيد أيضًا من دقتها ويقلل من الأخطاء البشرية.
التخصيص وابتكار المنتجات
ويمكن الذكاء الاصطناعي شركات التأمين من الانتقال من نماذج التأمين التقليدية إلى تقديم حلول أكثر تخصيصا من خلال تحليل البيانات الفردية للعملاء. ويمكن للذكاء الاصطناعي تطوير منتجات وخدمات تأمينية مصممة خصيصًا لتلبية احتياجاتهم العديدة. على سبيل المثال:يمكن تقديم وثائق تأمين على السيارات تعتمد على سنوات القيادة العملي أو وثائق تأمين صحي مخصصة بناء على نمط حياة الفرد وحالته الصحية. هذا التخصيص لا يزيد فقط من جاذبية المنتجات بل يعزز أيضًا الولاء لدى العملاء.
إدارة مخاطر الكوارث
ويلعب الذكاء الاصطناعي دورًا حاسمًا في إدارة وتخفيف المخاطر المرتبطة بالكوارث الطبيعية وغيرها من الأحداث الكارثية. فيمكن للخوارزميات المدعومة بالذكاء الاصطناعي تحليل أنماط الطقس والبيانات الجغرافية والبيانات التاريخية للتنبؤ بالتأثير المحتمل للكوارث بدقة أكبر. وهذا يسمح لشركات التأمين بتقديم تغطية أكثر دقة وشمولًا، وتحديد المناطق عالية المخاطر، وتعديل أقساط التغطية وفقًا لذلك. ومع ذلك من المهم الإشارة إلى أن الكوارث الطبيعية غالبًا ما تنطوي على عوامل معقدة وغير متوقعة لا يمكن للخوارزميات التقاطها بالكامل، مما يؤكد على أهمية الجمع بين الخبرة البشرية وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
تطوير البنية التحتية والقدرات الداخلية
ويتطلب تبني الذكاء الاصطناعي من شركات التأمين تطوير بنيتها التحتية التكنولوجية وصقل قدرات العاملين لديها. لذا يجب على الشركات الاستثمار في أنظمة قوية وإدارة البيانات وإنشاء مجموعات بيانات جاهزة للتحليل وتنظيم البيانات بشكل فعال عبر الأقسام.
كما يتطلب الأمر وجود عاملين ذوي مهارات عالية في التقنية والإبداع والاستعداد للتعلم ومواكبة التطورات السريعة في مجال الذكاء الاصطناعي.
بينما يقدم الذكاء الاصطناعي فرصًا هائلة لتعزيز الكفاءة والابتكار في صناعة التأمين، فإنه يثير أيضًا تساؤلات جوهرية حول مستقبل القوى العاملة في هذا القطاع.
يمكن تقسيم أثر الذكاء الاصطناعي على وظائف التأمين إلى عدة جوانب رئيسية:
ميكنة المهام الروتينية وفتح آفاق جديدة
يتيح الذكاء الاصطناعي ميكنة العديد من المهام المتكررة في قطاع التأمين، مثل معالجة البيانات، وإدخال المعلومات، والتحقق من الوثائق، وأتمتة بعض مراحل معالجة المطالبات البسيطة. كما يمكن لروبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التعامل مع استفسارات العملاء المتكررة بكفاءة، مما يمنح الموظفين البشريين الفرصة للتركيز على مهام أكثر تعقيدًا وإبداعًا.
تسهم أنظمة الاكتتاب الذكية في تحليل كميات هائلة من البيانات لتقييم المخاطر بسرعة ودقة، مما يساعد المكتتبين على اتخاذ قرارات أكثر استنارة بدلًا من القيام بالأعمال الروتينية. كما أن أدوات الكشف عن الاحتيال المعتمدة على الذكاء الاصطناعي قادرة على تحديد الأنماط المشبوهة بكفاءة، مما يدعم محققي الاحتيال في التركيز على القضايا المعقدة التي تتطلب مهارات تحليلية وإنسانية متقدمة. وبذلك، تسهم هذه التقنيات في تعزيز الإنتاجية وتحسين جودة الخدمات، مع فتح المجال أمام أدوار ووظائف جديدة تدعم الابتكار والنمو.
ظهور وظائف جديدة وتغير الأدوار الحالية
على الرغم من التحديات المتعلقة بفقدان الوظائف، فإن الذكاء الاصطناعي لا يؤدي فقط إلى إزالة الوظائف، بل يخلق أيضًا وظائف جديدة ويغير طبيعة الأدوار الحالية. ستظهر الحاجة إلى متخصصين في المجالات التالية:
_ علماء البيانات ومهندسو الذكاء الاصطناعي لتطوير وصيانة نماذج الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات، واستخلاص الرؤى
_ خبراء الأخلاقيات والحوكمة للذكاء الاصطناعي لضمان استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل عادل ومسؤول ومعالجة قضايا التحيز والتمييز والخصوصية
_ مصممو تجربة المستخدم (UX) وواجهة المستخدم (UI) لأنظمة الذكاء الاصطناعي لتصميم واجهات سهلة الاستخدام للأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، سواء للعملاء أو للموظفين
_ مديرو التغيير والتدريب المساعدة الموظفين على التكيف مع التقنيات الجديدة واكتساب المهارات اللازمة للأدوار المتغيرة
_ بالإضافة إلى ذلك، ستتغير أدوار الموظفين الحاليين. فبدلًا من التركيز على المهام الروتينية، سيتحول تركيزهم إلى المهام التي تتطلب مهارات بشرية فريدة، مثل:
_ التفكير النقدي وحل المشكلات المعقدة حيث يمكن للبشر التعامل مع الحالات الاستثنائية التي لا تستطيع أنظمة الذكاء الاصطناعي التعامل معها.
_ الإبداع والابتكار لتطوير منتجات وخدمات تأمينية جديدة ومبتكرة لا يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاؤها بمفرده.
_ التعاطف والتواصل البشري في خدمة العملاء، ستظل هناك حاجة إلى التفاعل البشري في الحالات التي تتطلب تفهمًا عاطفيًا أو بناء علاقات قوية مع العملاء.
_ المهارات الإشرافية والإدارية للإشراف على أنظمة الذكاء الاصطناعي وضمان عملها بفعالية وكفاءة.
_ الحاجة إلى إعادة صقل المهارات وتطويرها
لمواكبة هذه التغيرات يصبح إعادة صقل المهارات (reskilling) وتطويرها (upskilling) أمرًا حتميًا للعاملين في قطاع التأمين يجب على الشركات والموظفين الاستثمار في برامج التدريب التي تركز على المهارات الرقمية، وتحليل البيانات، وفهم الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تعزيز المهارات الناعمة مثل التفكير النقدي، والتعاون، والقدرة على التكيف.
و ستكون الشركات التي تستثمر في تطوير موظفيها أكثر قدرة على الاستفادة الكاملة من إمكانات الذكاء الاصطناعي، وتحويل التحديات إلى فرص للنمو والابتكار.
رأي اتحاد شركات التأمين المصرية:
ويرى اتحاد شركات التأمين المصرية أنه انطلاقًا من دوره في دعم تطوير سوق التأمين ومواكبة التحولات التكنولوجية العالمية، يرى الاتحاد أن الذكاء الاصطناعي يُعد أداة محورية في إعادة تشكيل مستقبل الوظائف داخل قطاع التأمين، إذ يوفر فرصًا واسعة لتحسين الكفاءة التشغيلية، وتطوير خدمات العملاء، وتعزيز دقة الاكتتاب وتسوية المطالبات.
ورغم التقدم التكنولوجي المتسارع والتحول الرقمي الذي يشهده قطاع التأمين، يظل العنصر البشري ركيزة أساسية لا غنى عنها في هذه الصناعة. فالخبرات البشرية تُمثّل جوهر العمليات التأمينية، سواء في فهم احتياجات العملاء، أو في إدارة المخاطر، أو في اتخاذ قرارات الاكتتاب المعقدة التي تتطلب فهمًا دقيقًا للسياقات الاقتصادية والاجتماعية. كما أن التفاعل الإنساني يظل عاملًا حاسمًا في بناء الثقة مع العملاء، وتعزيز الولاء، وتقديم الدعم الفعّال أثناء إدارة المطالبات أو تقديم المشورة التأمينية.
ولذلك، فإن الاستثمار في تنمية الكوادر البشرية، وتطوير مهاراتهم، وتمكينهم من مواكبة التحولات الرقمية، يُعد أحد أهم عوامل نجاح واستدامة صناعة التأمين في المستقبل.
وأكد الاتحاد أهمية التوازن بين تبني التقنيات الحديثة والحفاظ على العنصر البشري، من خلال الاستثمار في إعادة تأهيل الكوادر البشرية وتأهيلها لوظائف المستقبل، لا سيما تلك المرتبطة بتحليل البيانات، وأمن المعلومات، وإدارة النماذج الذكية.
وشدد الاتحاد على ضرورة تبني استراتيجيات واضحة للتحول الرقمي العادل والمسؤول، بما يضمن خلق بيئة عمل مستدامة لا تقصي الموظفين، بل تعزز من قدراتهم وتوفر فرصًا جديدة للنمو المهني داخل القطاع.
وواصل الاتحاد جهوده لدعم التدريب وبناء القدرات لضمان جاهزية سوق العمل التأميني لمتطلبات عصر الذكاء الاصطناعي.