رصد الاتحاد المصري للتأمين فى نشرته الأسبوعية الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في إعادة التأمين.
وأشار الاتحاد إلى أنه تتأثر صناعة إعادة التأمين بتقنيات الذكاء الاصطناعي والتقنيات المرتبطة به مثلها مثل العديد من الصناعات، (على سبيل المثال: روبوتات الدردشة ذات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT والبيانات الضخمة وما إلى ذلك)، ويعد استخراج مجموعات كبيرة من البيانات للحصول على معلومات للمساعدة في الاكتتاب والمطالبات ليس بالأمر الجديد على صناعة إعادة التأمين وبالمثل، فقد قامت شركات التأمين بفحص مجموعات كبيرة من بيانات توزيع الأقساط للمساعدة في تسعير اتفاقيات إعادة التأمين. لذلك، تم استخدام البيانات الضخمة والتحليلات التنبؤية من قبل أسواق التأمين وإعادة التأمين لسنوات، وكالعديد من الصناعات الأخرى تستخدم العديد من شركات التأمين روبوتات الدردشة على مواقعهم الإلكترونية لتعزيز تجربة العملاء. بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام جوانب الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف من قبل العديد من الشركات، بما في ذلك شركات التأمين وإعادة التأمين. ويقدر حجم الذكاء الاصطناعي العالمي في سوق التأمين – متمثلة في العرض: الأجهزة والبرمجيات والخدمات التي يقدمها – بنحو 4.59 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 79.86 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2032، بمعدل نمو سنوي مركب قدره 33.06٪ من عام 2023 إلى عام 2032.
وأشار إلى أن تأثير الذكاء الاصطناعي على صناعة إعادة التأمين، فقد تناولت العديد من النشرات السابقة الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مجالات التأمين وفروع التأمين المختلفة وقد حان الوقت لتسليط الضوء علي إعادة التأمين وإمكانية الربط بينها وبين الذكاء الاصطناعي ومردود ذلك على شركات التأمين بكونهم عملاء شركات إعادة التأمين.
ما هو الذكاء الاصطناعي؟
يعرف الذكاء الاصطناعي بأنه هو التعلم الآلي المستخدم لمحاكاة الاستجابة البشرية وتزداد النتائج دقة بمرور الوقت وبإدخال المزيد من البيانات على هذا النظام. ومن الجدير بالذكر ان نوع الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد عليه الكثير من الأشخاص والمؤسسات هو الذكاء الاصطناعي التوليدي Generative AI. وهي برامج ذكاء اصطناعي توليدية تقوم بإنشاء مستندات مكتوبة او تقوم بالتعرف علي الأعطال في الآلات أو اكتشاف الامراض في جسم الإنسان.
الذكاء الاصطناعي وصياغة عقود إعادة التأمين
تعد صياغة عقود إعادة التأمين هي الاستخدام الأكثر وضوحًا للذكاء الاصطناعي التوليدي في صناعة إعادة التأمين. فإذا تم تدريب نظام الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل صحيح على الآلاف من عقود إعادة التأمين المصاغة (بالإضافة إلى قوانين ولوائح التأمين) يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي قادر على تقليل الوقت الذي تستغرقه صياغة عقود إعادة التأمين بشكل كبير.
ففي الوقت الحالي يملك الوسطاء وشركات إعادة التأمين مكتبات إلكترونية لأنواع مختلفة من عقود إعادة التأمين والشروط الخاصة وعند ادخال تلك البيانات في برامج الذكاء الاصطناعي التوليدية تكون تلك البرامج قادرة على صياغة عقود إعادة تأمين أكثر اتساقًا ودقة، وبالإضافة الي ذلك فإنها تعمل على خفض نسبة الأخطاء في صياغة العقود. وبشكل أساسي، سيساعد الذكاء الاصطناعي في التحقق مرة أخرى من استخدام الشروط الصحيحة في عقد إعادة التأمين بالاستثنائات المناسبة للأغراض المطلوبة.
ويعد الأساس هنا هو تدريب برامج الذكاء الاصطناعي على مجموعة بيانات شاملة من مواد إعادة التأمين والتأمين والتي تشمل العقود الموجودة مسبقا واللوائح التنظيمية والقوانين الخاصة بالتأمين وإعادة التأمين.
ومن الجدير بالذكر انه لا يُنظر الي تلك البرامج كبديل للمتخصصين في صياغة العقود، ولكنها تعد وسيلة مساعدة للمتخصصين في صياغة العقود لإنتاج عقود أفضل بشكل أكثر كفاءة ودقة وبمعدل أخطاء اقل. علاوة على ذلك، فإنها تساعد على تحسين سهولة فهم ووضح عقود إعادة التأمين لأن الفشل في تحديد التغطيات والاستثناءات تعد مشكلة قد نشأ عنها العديد من النزاعات في الصناعة لسنوات.
التطبيقات المحتملة الأخرى للذكاء الاصطناعي في إعادة التأمين
يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي شركات التأمين والخبراء الاكتواريين في تسعير مخاطر إعادة التأمين. وقد استُخدمت النماذج التنبؤية والتحليلات الاكتوارية التراكمية في اكتتاب عقود إعادة التأمين ولكن الان هو وقت الانتقال الي استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي والذي بدوره يعمل على نقل هذه النماذج إلى مستوى افضل من خلال إنشاء ادوات تسعير أكثر دقة وكفاءة.
إن مجموعات البيانات اللازمة لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي موجودة بالفعل، حيث ان المجمعون لبيانات الاكتتاب والمطالبات، مثل الوسطاء الدوليين، يستخدمون هذه البيانات بالفعل لمساعدة عملائهم في تسعير عقود إعادة التأمين. وفي المستقبل القريب، سوف يقوم الذكاء الاصطناعي التوليدي بـمساعدة شركات إعادة التأمين في تطوير نماذج تسعير أكثر دقة بالإضافة الي المساهمة في عمليات المراجعة الدورية علي العقود وإصدار تقارير المراجعة.
ومن ناحية المطالبات، يجب أن تكون شركات إعادة التأمين قادرة على استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء تقارير سردية شهرية أو ربع سنوية أكثر دقة واتساقًا. والذي يمثل اهمية خاصة بالنسبة لعقود تجاوز الخسارة Excess-of-loss حيث قد يكون الإبلاغ عن الخسارة الفردية مطلوبًا لأنواع معينة من الخسائر.
آليات استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة إعادة التأمين والفرص التي يقدمها.
تعتمد إعادة التأمين بشكل متزايد على الذكاء الاصطناعي لتعزيز تقييم المخاطر والتسعير مدفوعة بالحاجة إلى اتخاذ قرارات أكثر دقة وكفاءة. كما يمكن لشركات إعادة التأمين الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي بأن تحلل كميات هائلة من البيانات وتقوم بانشاء نماذج متطورة واكتساب توقعات حول عوامل الخطر التي لم يكن من الممكن الوصول إليها في السابق. وفيما يلي اهم المحاور الرئيسية التي يمكن تطبيق الذكاء الاصطناعي بها في شركات إعادة التأمين
تقييم المخاطر والتسعير
التحليلات المتطورة للبيانات: يمكّن الذكاء الاصطناعي شركات إعادة التأمين من معالجة وتحليل كميات كبيرة من البيانات المنظمة وغير المنظمة من مصادر مختلفة مثل المطالبات التاريخية وسلوكيات حاملي الوثائق وبيانات الأرصاد الجوية والمعلومات الجغرافية. يسمح هذا التحليل الشامل لشركات إعادة التأمين بتحديد الأنماط والاتجاهات، مما يتيح في النهاية تقييم المخاطر والتسعير بشكل أكثر دقة.
نماذج المخاطر التفصيلية:حيث يمكن للنماذج المدعومة بالذكاء الاصطناعي تقييم المخاطر على مستوى أكثر تفصيلًا، مع الأخذ في الاعتبار عوامل مثل أنماط الطقس المحلية ومواد البناء وعمر البناء والكثافة السكانية. يمكن لشركات إعادة التأمين خلال النظر في هذه العوامل تطوير نماذج مخاطر أكثر دقة، مما يؤدي إلى اتخاذ قرارات اكتتاب أسرع وتسعير أكثر دقة.
تقييم المخاطر في الوقت الفعلي: يمكن للأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي معالجة البيانات في الوقت الفعلي مما يمكّن شركات إعادة التأمين من التحديث المستمر لنماذج المخاطر.
ويساعد هذا النهج الديناميكي شركات إعادة التأمين على الاستجابة بشكل أكثر فعالية لبيئات المخاطر المتغيرة، مثل ظهور مخاطر جديدة أو التحولات في محفظة المخاطر المؤمن عليها.
إدارة مطالبات إعادة التأمين
تعد إدارة المطالبات مجالًا آخر هامًا لاستخدام الذكاء الاصطناعي حيث تمكّن الحلول المعتمدة على الذكاء الاصطناعي شركات إعادة التأمين من تبسيط عمليات المطالبات الخاصة بهم وجمع وإدارة البيانات بطريقة عالية الجودة وإنشاء رؤية أوضح لكيفية استحقاق المطالبات بمرور الوقت.
مراقبة المخاطر في الوقت الفعلي: يمكن للأنظمة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي مراقبة وتحليل البيانات في الوقت الفعلي مثل أنماط الطقس والنشاط الزلزالي للكشف عن علامات الإنذار المبكر للكوارث المحتملة. ومن خلال تتبع هذه المؤشرات، يمكن لشركات إعادة التأمين توقع الكوارث والاستعداد لها بشكل أفضل وتكوين الاحتياطيات اللازمة من رأس المال وفقًا لذلك.
هل الذكاء الاصطناعي يغني عن وجود العنصر البشري
ليس هناك شك في أن تطبيق الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح قد يؤدي إلى توفير كبير في الوقت حيث إن الساعات التي يتم توفيرها تمكن البشر من تطبيق خبراتهم على مواقف اكثر خطورة وأكثر تعقيدًا وتطوير منتجات تغطية جديدة أو معززة. حيث ان التخلص من التكرار والخطوات التقليدية في الاكتتاب سيعني عملًا إداريًا أقل وخطوات أسرع مما يعمل علي تحسين الإنتاجية. على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون متطورًا للغاية فمن المهم أن نتذكر أن الذكاء الاصطناعي تكمن جودته في حجم البيانات المدخلة والتي تبدأ بالمعرفة البشرية وبالبيانات الناتجة من التحليلات البشرية.
يوفر الجمع بين الذكاء الاصطناعي والخبرة البشرية أفضل حل لتحديات المخاطر الاخري. أحد الجوانب المهمة التي يتم التغاضي عنها بسهولة هو قيمة اللمسة الشخصية في العلاقات التجارية. على سبيل المثال، تعتبر الاستجابة مهمة لحاملي وثائق التأمين والوسطاء. لهذه الأسباب، من غير المرجح أن يحل الذكاء الاصطناعي محل الجانب الإنساني في أعمال الأشخاص، وسيكون بمثابة أداة قيمة مساعدة للمكتتب وليست بديلة عنه.