أصبح تطبيق DeepSeek التطبيق المجاني الأكثر تنزيلًا في الولايات المتحدة بعد أسبوع واحد فقط من إطلاقه. وقد أثار صعوده المفاجئ موجة من الصدمة في وول ستريت، حيث انخفضت الأسهم الأمريكية بشكل حاد يوم الاثنين 26 يناير 2025. ومع أدائه المماثل لمنافسه ChatGPT ولكن بتكلفة زهيدة، يهدد التطبيق الناشئ هالة القوة التي تحيط بصناعة التكنولوجيا الأمريكية.
شركة DeepSeek تجذب اهتمامًا متزايدًا
بدأت شركة DeepSeek تجذب اهتمامًا متزايدًا في مجال الذكاء الاصطناعي منذ ديسمبر 2024، عندما أطلقت نموذجًا جديدًا أكدت أنه يضاهي إصدارات مماثلة من شركات أمريكية مثل OpenAI، المطورة لـ ChatGPT، مع ميزة تفوقه من حيث الكفاءة والتكلفة، بفضل استغلاله الفعّال للشرائح الباهظة من Nvidia في تدريب أنظمته على كميات هائلة من البيانات. وازدادت شهرة مساعدها الذكي بعد توفره على متجري Apple وGoogle في مطلع عام 2025.
DeepSeek يتصدر قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلًا
وبحلول 26 يناير 2025، تصدّر مساعد الذكاء الاصطناعي من DeepSeek قائمة التطبيقات المجانية الأكثر تحميلًا ، مما أثار نقاشات حول المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في سباق تطوير الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، أعرب بعض خبراء التكنولوجيا الأمريكيين عن قلقهم إزاء تمكن شركة صينية ناشئة من مجاراة الشركات الرائدة في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وبتكلفة أقل بكثير.
وقد أحدثت شركة DeepSeek مفاجأة في مجتمع التكنولوجيا بإطلاقها نماذج ذكاء اصطناعي قادرة على منافسة منتجات متقدمة من شركات أمريكية مثل OpenAI وAnthropic. وكان نموذجها “الاستدلال” R1، الذي طُرح في مطلع 2025، قد لفت انتباه الباحثين و المستثمرين، واستدعى ردود فعل واسعة من كبار خبراء الذكاء الاصطناعي.
وفي غضون أسبوع واحد فقط، تمكن تطبيق DeepSeek R1 من إزاحة ChatGPT عن صدارة متجر App Store، مما أحدث اضطرابًا في سوق الأسهم، ووجه تهديدًا مباشرًا لشركة OpenAI وللهيمنة الأمريكية على قطاع الذكاء الاصطناعي.
ولكن الأهم من ذلك، أن الشركة الصينية اتخذت خطوة جريئة بإطلاق ابتكارها كـ”مصدر مفتوح”، مما يعني أن أي شخص في جميع أنحاء العالم يمكنه نسخ الكود واستخدامه مجانًا. وقد يؤدي هذا إلى تقويض نموذج ChatGPT، الذي أصبح مدفوع الأجر مقابل تطبيقاته الأكثر تقدمًا .
يعتمد DeepSeek على بيانات أقل وبتكلفة منخفضة مقارنة بنماذج الشركات الكبرى، مما قد يشكل نقطة تحول في حجم الاستثمارات المطلوبة لتطوير الذكاء الاصطناعي مستقبلاً.
مقارنة بين DeepSeek وChatGPT
على الرغم من أن كلًا من DeepSeek وChatGPT يعتمدان على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
الاختلافات الرئيسية بينهما:
– التركيز على العمق مقابل التنوع:
يركز DeepSeekبشكل أكبر على تقديم تحليلات عميقة ودقيقة، مما يجعله الخيار الأمثل للمهام التي تتطلب دقة عالية مثل الأبحاث الأكاديمية أو التحليل المالي. في المقابل، ChatGPT يتميز بقدرته على توليد نصوص متنوعة وإبداعية، مما يجعله أكثر ملاءمةً للمهام الإبداعية مثل كتابة المحتوى أو إنشاء حوارات تفاعلية.
– قدرة الفهم السياقي:
يظهر DeepSeek تفوقًا في فهم السياقات المعقدة، خاصةً في النصوص الطويلة أو المتخصصة. بينما ChatGPT يعتمد على نماذج لغوية عامة، مما قد يجعله أقل دقة في بعض الحالات المتخصصة.
– التكامل مع التطبيقات الأخرى:
يقدم DeepSeek ميزات متقدمة في التكامل مع الأنظمة الأخرى، مما يجعله خيارًا مثاليًا للشركات والمؤسسات التي تحتاج إلى حلول ذكية قابلة للتخصيص. أما ChatGPT فيتمتع بشعبية كبيرة بين الأفراد والمطورين بسبب واجهة برمجية سهلة الاستخدام.
– التحديثات والتطوير:
ChatGPT يتمتع بدعم قوي من OpenAI، مما يضمن تحديثات مستمرة وتحسينات في الأداء. DeepSeek، على الرغم من حداثته، إلا أنه يسير بخطى سريعة في التطوير، مما يجعله منافسًا قويًا في المستقبل.
– إمكانية الدردشة الصوتية:
يتفوق ChatGPT في تقديم وظيفة الدردشة الصوتية، و هي خاصية غير متوفرة حتى الآن في DeepSeek ، و هذا من شأنه أن يجعل التفاعلات مع ChatGpt أكثر ديناميكية وسهولة في الوصول، وخاصة بالنسبة للمستخدمين الذين يفضلون التحدث على الكتابة.
و قد غير هذا الحدث وجهات النظر السائدة على نطاق واسع حول تفوق الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي وفعالية ضوابط التصدير التي تفرضها واشنطن والتي تستهدف الحد من قدرات الصين المتقدمة في مجال الرقائق والذكاء الاصطناعي.
ماذا فعلت DeepSeek ؟
في ديسمبر2024 ، أصدرت DeepSeek نموذجها DeepSeek V3 وهو نموذج لغوي “قياسي” قوي للغاية يعمل بمستوى مماثل لنموذج GPT-4o من OpenAI .
في حين أن هذه النماذج معرضة للأخطاء وأحيانًا تختلق حقائق خاصة بها ، إلا أنها قادرة على تنفيذ مهام مثل الإجابة على الأسئلة وكتابة المقالات وإنشاء أكواد الكمبيوتر. وفي بعض اختبارات حل المشكلات والمنطق الرياضي، تحصل على درجات أفضل من متوسط درجات الإنسان العادي.
وتم تدريب إصدار V3 بتكلفة تقدر بنحو 5.58 مليون دولار أمريكي. وهي تكلفة أرخص بكثير من GPT-4، ، والذي تكلف تطويره أكثر من 100 مليون دولار أمريكي .
و أعلنت شركة DeepSeek أيضًا أنها قامت بتدريب V3 باستخدام حوالي 2000 شريحة كمبيوتر متخصصة، وحدات معالجة الرسوميات H800 التي تصنعها شركة NVIDIA وهذا أقل بكثير من الشركات الأخرى، والتي ربما استخدمت ما يصل إلى 16000 من شرائح H100 الأكثر قوة.
وفي 20 يناير، أصدرت شركة DeepSeek نموذجًا آخر، يُدعى R1 . وهو ما يسمى بنموذج “الاستدلال”، والذي يحاول العمل على حل المشكلات المعقدة خطوة بخطوة. وهذا النموذج أفضل في العديد من المهام مثل فهم القراءة والتخطيط الاستراتيجي.
نموذج R1 هو نسخة معدلة من V3، تم تعديلها بتقنية تسمى التعلم التعزيزي. يبدو أن R1 يعمل على مستوى مماثل لنموذج o1 من OpenAI ، والذي تم إصداره العام الماضي.
وقد أثار هذا الإصدار موجة هائلة من الاهتمام بشركة DeepSeek، مما أدى إلى زيادة شعبية تطبيق الدردشة الآلية الذي يعمل بنظام V3 ، وأدى إلى انهيار هائل في أسعار أسهم التكنولوجيا مع إعادة تقييم المستثمرين لصناعة الذكاء الاصطناعي. و قد خسرت شركة صناعة الرقائق NVIDIA حتى 28 يناير حوالي 600 مليار دولار أمريكي من قيمتها.
ماذا يعني ذلك؟
تم إصدار نماذج وتقنيات DeepSeek بموجب ترخيص MIT المجاني ، مما يعني أنه يمكن لأي شخص تنزيلها وتعديلها.
ورغم أن هذا قد يكون بمثابة أخبار سيئة لبعض شركات الذكاء الاصطناعي ــ التي قد تتآكل أرباحها بسبب وجود نماذج قوية ومتاحة بحرّية ــ فإنه يشكل أخبارا عظيمة لمجتمع أبحاث الذكاء الاصطناعي الأوسع.
وبالنسبة للمستهلكين، قد يصبح الوصول إلى الذكاء الاصطناعي أرخص أيضاً. فقد يتم تشغيل المزيد من نماذج الذكاء الاصطناعي على أجهزة المستخدمين الخاصة، مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو الهواتف، بدلاً من تشغيلها “في السحابة” مقابل رسوم اشتراك.
أثر صعود DeepSeek على انخفاض أسهم شركات التكنولوجيا العالمية
وأدى إطلاق شركة ” (DeepSeek) الصينية لنموذج ذكاء اصطناعي جديد إلى انخفاض ملحوظ في أسهم شركات التكنولوجيا العالمية. يتميز نموذج “ديب سيك” بقدرته على تقديم أداء مماثل لنماذج الذكاء الاصطناعي الأمريكية الرائدة، مثل “ChatGPT” من “أوبن إيه آي”، ولكن بتكلفة أقل وباستخدام موارد حوسبة أقل. هذا التطور أثار مخاوف المستثمرين بشأن الاستثمارات الضخمة التي قامت بها الشركات الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي.
ونتيجة لذلك، شهدت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى تراجعًا حادًا. على سبيل المثال:
انخفضت أسهم شركة “إنفيديا” بنسبة تقارب 17%، مما أدى إلى خسارة حوالي 600 مليار دولار من قيمتها السوقية.
تراجعت أسهم شركات مثل “مايكروسوفت”، “أمازون”، و”ألفابت” (الشركة الأم لجوجل) بنسب ملحوظة.
في المقابل، ارتفعت أسهم شركة “أبل” بنسبة 3.3%، نظرًا لاعتمادها الأقل على تطبيقات الذكاء الاصطناعي.
وفي أوروبا، أنهت شركة ASML الهولندية لتصنيع معدات الرقائق تعاملات يوم الاثنين 26 يناير على انخفاض سعر سهمها بأكثر من 7%.
وانخفضت أسهم شركة Siemens Energy، التي تصنع الأجهزة المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، بمقدار 20%.
وكانت شركة سوفت بنك اليابانية، التي تعد جزءًا من حملة الرئيس دونالد ترامب للاستثمار في الذكاء الاصطناعي، من بين الشركات الأخرى التي تأثرت بالأزمة. وانخفضت أسهم الشركة بنحو 8% يوم الاثنين.
وهذا الحدث يسلط الضوء على التحديات المتزايدة التي تواجهها الشركات العالمية في مجال الذكاء الاصطناعي، خاصة مع ظهور منافسين جدد يقدمون حلولًا مبتكرة وفعّالة من حيث التكلفة.
النماذج المفتوحة مقابل النماذج المغلقة: قرار استراتيجي لصناعة التأمين
صرّح يان ليكون، كبير علماء الذكاء الاصطناعي في شركة ميتا، قائلاً: “بالنسبة لمن يعتقدون أن الصين تفوقت على الولايات المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي، فإن الحقيقة هي أن النماذج مفتوحة المصدر تفوقت على النماذج المغلقة.”
لكن ماذا يعني ذلك بالنسبة لسوق التأمين على الحياة، خصوصًا مع التحولات التي أحدثتها شركة DeepSeek؟
ميزة النماذج مفتوحة المصدر في قطاع التأمين
توفر النماذج مفتوحة المصدر – مثل DeepSeek – إمكانية تخصيص الشركات للنماذج المفتوحة وتكييفها وفقًا لاحتياجاتها التشغيلية.
ويعزز هذا النهج الامتثال التنظيمي، لا سيما في الصناعات الخاضعة لإشراف دقيق مثل التأمين.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في التأمين على الحياة
تعتمد عمليات الاكتتاب في التأمين على تحليل كميات ضخمة من البيانات الطبية، بما في ذلك السجلات الصحية، وتقارير التشخيص، ومذكرات الأطباء. وعلى الرغم من أن النماذج العامة للذكاء الاصطناعي قد تؤدي هذه المهام بكفاءة، إلا أن ضبط النماذج مفتوحة المصدر لتتناسب مع مجال التأمين يعد خيارًا أكثر فعالية من حيث التكلفة مقارنة باستخدام نماذج مغلقة باهظة الثمن تعتمد على واجهات برمجة التطبيقات (APIs)
أبرز حالات الاستخدام
تحليل المستندات الطبية: يتيح ضبط نموذج مفتوح على بيانات الاكتتاب التاريخية استخراج الحالات الطبية وعوامل الخطر بدقة أكبر من السجلات غير المنظمة.
اكتشاف الاحتيال: يمكن لتدريب نموذج ذكاء اصطناعي على بيانات المطالبات المجهولة المصدر أن يساعد في تحديد الأنماط الاحتيالية وتقليل التكاليف المرتبطة بالمطالبات الكاذبة.
ميكنة خدمة العملاء: يمكن نشر روبوتات محادثة ذكية لمساعدة العملاء في الاستفسارات المتعلقة بالوثائق والمطالبات، مما يحسن تجربة العملاء ويقلل من أوقات الاستجابة. ويتطلب ذلك ضبطًا دقيقًا للنموذج لضمان دقة المعلومات وتوافقها مع اللغة التأمينية.
التحكم في البيانات وحماية الخصوصية
تُعد حماية بيانات العملاء أحد أهم الاعتبارات عند تبني الذكاء الاصطناعي في قطاع التأمين. فمن خلال تشغيل النماذج محليًا أو عبر مزودي خدمات سحابية موثوقين ، تتمتع الشركات بالتحكم الكامل في البيانات الحساسة، بعكس الاعتماد على واجهات برمجة التطبيقات الخارجية التي تخضع بياناتها لسياسات مقدمي الخدمات.
وقال الاتحاد المصري للتأمين، يمثل صعود النماذج مفتوحة المصدر في قطاع التأمين فرصة هائلة للشركات، حيث يتيح تقليل التكاليف، وتحسين دقة التحليلات، وتعزيز التحكم في البيانات. وتبرز الابتكارات الحديثة، مثل تلك التي تقدمها DeepSeek، أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مقتصرًا على الأنظمة المغلقة، بل أصبح الابتكار المفتوح يعزز بيئة تنافسية أكثر عدلاً.
ومع استمرار شركات التأمين في تبني التقنيات الحديثة، فإن اعتماد النماذج مفتوحة المصدر يمنحها ميزة تنافسية من خلال تحسين الكفاءة التشغيلية وتعزيز خصوصية البيانات. ومع ذلك، يبرز تحدي تأمين سرية البيانات في ظل الطبيعة الديناميكية للتحديثات المستمرة في البرمجيات مفتوحة المصدر، مما يستلزم الاستثمار في أنظمة متقدمة للحماية من الاختراقات، وتطبيق بروتوكولات صارمة للأمان السيبراني. إن مستقبل الذكاء الاصطناعي في قطاع التأمين يسير نحو مزيد من الانفتاح، و ستكون الشركات الرائدة هي تلك التي تستثمر في هذا التحول الذكي، مع مراعاة أعلى معايير الأمان.