قال اتحاد شركات التأمين المصرية انه تشهد صناعة التأمين طفرة نوعية غير مسبوقة في طريقة تعاملها مع شكاوى العملاء، مع دخول التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي كعنصر فاعل في إعادة تشكيل تجربة العميل.
فلم تعد الشكاوى تُعامل كعبء إداري أو إجراء روتيني، بل أصبحت جزءًا من استراتيجية الشركات لبناء الثقة وتعزيز الولاء وتحسين جودة الخدمات في ظل بيئة رقمية تتغير بوتيرة متسارعة.

ومع صعود شركات التكنولوجيا التأمينية (Insurtech)، باتت الشركات التقليدية مطالَبة بإعادة النظر في أساليبها القديمة، والتحول من الردّ على المشكلات إلى التنبؤ بها قبل وقوعها، عبر أدوات التحليل الذكي وأنظمة التعلم الآلي.
القنوات المتعددة.. تجربة متكاملة تعيد تعريف التواصل
أصبحت فكرة القنوات المتعددة (Omnichannel) أحد أعمدة التطوير في قطاع التأمين الحديث، إذ لم يعد الأمر مقتصرًا على توفير وسائل تواصل متعددة فحسب، بل على دمجها في منظومة واحدة تتيح للعميل الانتقال بسلاسة بين التطبيق والموقع الإلكتروني ومركز الاتصال دون فقدان للمعلومات أو إعادة إدخال البيانات.
يقول أحد خبراء التكنولوجيا التأمينية:“العميل اليوم لا يفرّق بين القنوات، بل يرى الشركة ككيان واحد، ويتوقع تجربة موحدة ومستجيبة في أي وقت ومن أي مكان.”
لكن تطبيق هذا النهج يتطلب بنية تحتية رقمية قوية، واستثمارات كبيرة في تحديث الأنظمة القديمة، إضافة إلى تكامل مؤسسي بين إدارات المبيعات والمطالبات وخدمة العملاء.
وتشير دراسات حديثة إلى أن تطبيق استراتيجية القنوات المتعددة يرفع معدلات الاحتفاظ بالعملاء بنسبة تصل إلى 30%، ويقلل زمن حل الشكاوى بنحو 40%.
الخدمة الذاتية.. من رفاهية إلى ضرورة
تحولت الخدمة الذاتية (Self-Service) إلى حجر الزاوية في علاقة شركات التأمين بعملائها، لا سيما في ظل جيل جديد من المستهلكين يبحث عن السرعة والشفافية والتحكم الكامل في معاملاته.
فمن خلال تطبيقات الهاتف أو بوابات العملاء الإلكترونية، يمكن للعميل الآن تقديم مطالبة، أو تتبع حالتها، أو سداد الأقساط بضغطة زر دون الحاجة إلى التواصل مع ممثل خدمة.
ويقول خبير التأمين الرقمي المهندس محمد جابر إن:
“الخدمة الذاتية لم تعد خيارًا ترفيهيًا، بل باتت مطلبًا أساسيًا لبقاء الشركات في المنافسة. العميل يريد حلولًا فورية وآمنة دون انتظار مكالمات مطوّلة أو زيارات لمكاتب الشركة.”
وتُستخدم اليوم تقنيات الذكاء الاصطناعي لتقدير الأضرار من خلال الصور، أو تحليل البيانات لتسريع الموافقات، مما يقلص زمن تسوية المطالبات ويزيد مستوى الرضا.
لكن هذا التطور ترافقه تحديات تتعلق بحماية البيانات والتشريعات، وهو ما يفرض على الشركات الاستثمار في أنظمة أمن معلومات متقدمة وتطبيق المصادقة متعددة العوامل لحماية خصوصية العملاء.
الذكاء الاصطناعي والمستقبل الذكي لشكاوى العملاء
تتجه صناعة التأمين نحو عصر جديد من الخدمة الذاتية الذكية، حيث يمكن للعميل التحدث مع المساعد الافتراضي بلغة طبيعية، والحصول على إجابات فورية دقيقة حول وثيقته أو مطالبه.
كما ستتيح التحليلات التنبؤية للشركات فهم احتياجات العملاء قبل أن يعبّروا عنها، مثل اقتراح تعديل التغطية التأمينية تلقائيًا بناءً على تغير نمط حياة العميل أو مستوى إنفاقه.
وفي المستقبل القريب، سيسهم إنترنت الأشياء (IoT) في إنشاء قنوات جديدة للتفاعل، من خلال الأجهزة الذكية في السيارات والمنازل، بما يمكّن الشركات من تقديم خدمات استباقية وتنبيهات مبكرة للمخاطر المحتملة.
التحول من إدارة الشكاوى إلى تجربة عميل متكاملة
لم تعد معالجة الشكاوى مجرد عملية تشغيلية داخل إدارات خدمة العملاء، بل تحولت إلى مؤشر استراتيجي على نجاح الشركة في بناء تجربة رقمية متكاملة.
وتسعى شركات التأمين في مصر والعالم العربي اليوم إلى اللحاق بركب الثورة الرقمية، مستفيدة من تجارب الأسواق العالمية التي جعلت من التكنولوجيا محورًا رئيسيًا لتحسين رضا العملاء وتعزيز الثقة في الصناعة.
ومع استمرار هذا التحول، يبقى التحدي الأكبر هو تحقيق التوازن بين الابتكار والأمان، وضمان أن تظل التكنولوجيا في خدمة الإنسان، لا بديلاً عنه.
انت تقرأ هذا الموضوع في قسم بنوك وتأمين على موقعك المفضل البيان الاقتصادي نيوز.
كما يمكنم ايضا تصفح المزيد من الاقسام الهامة في موقعنا:
















































