يشهد العالم من حولنا تزايدًا ملحوظًا في حدة ومعدلات حدوث الظواهر المناخية المتطرفة بشكل يهدد حياة البشر والكائنات الحية وسبل الحياة على وجه الأرض بشكل عام. وتشير العديد من الدراسات المناخية والبيئية المتخصصة إلى أنّ هذه الظواهر المناخية يرتبط حدوثها بشكل وثيق بأزمة تغير المناخ العالمي. فطبقًا لدراسة أجريت عام 2022، فقد ارتفعت درجات الحرارة في منطقة الشرق الأوسط وشرق البحر المتوسط بمعدل أسرع مرتين تقريبًا مقارنة بباقي مناطق العالم، كما أشارت نفس الدراسة إلى أنّ درجات الحرارة في مصر واليونان والمملكة العربية السعودية سترتفع بمعدل 5 درجات مع حلول نهاية القرن الحالي. من ناحية أخرى، تعاني دول شمال أفريقيا من تأثيرات قوية وواسعة لتغير المناخ، خاصة دول المغرب والجزائر وتونس ومصر التي تمر بحالة غير مسبوقة من الجفاف الذي تعاني منه تلك الدول منذ عدة سنوات.
أعلى مستوى من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري
ومع معاناة جميع دول العالم من هذه التأثيرات السلبية الواسعة، يشير الخبراء إلى أنّ عام 2025 سيشهد أعلى مستوى من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ثم لابد من انخفاض تلك الانبعاثات بنسبة 43% بحلول عام 2030 للحد من الاحتباس الحراري العالمي. ولهذا علينا التحرك سريعًا نحو مجتمعات واقتصاديات منخفضة الكربون، إلا أن هذا التحول سيتطلب جهودًا هائلة من المواطنين والمستثمرين والشركات والحكومات والمجتمعات بشكل عام. إنّ الاستجابة للتحديات التي يفرضها تغير المناخ بصورة فعالة وسريعة يعني بكل بساطة ضرورة تغيير أساليب حياتنا وطرق أدائنا لأعمالنا، من أجل تحفيز تحول وتغيير منظومة البيئة العالمية بشكل عام.
الدمج بين التحول الرقمي والاعتماد على الطاقة الكهربائية
و طبقًا لبحث خاص بالاستدامة أعدته شنايدر إلكتريك، فإنّ الاقتصاد العالمي يمكنه التخلص تدريجيًا من الانبعاثات الكربونية إذا اعتمد على التكنولوجيا الرقمية. فمع عدم الحاجة لتغير السياسات المطبقة حاليًا، يتيح الاعتماد على حلول تكنولوجية جديدة وتغيير أنماط استهلاك الطاقة إمكانية خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون على مستوى العالم بنسبة تصل إلى 30% بحلول عام 2050. وتتمتع الابتكارات والحلول التكنولوجية بقدراتها الهائلة على خفض الانبعاثات الكربونية، وإحداث تغييرات جذرية في تصميم نظم الطاقة الخاصة بالمباني والصناعات ووسائل المواصلات والتنقل، وهو ما يعني قطع خطوات جادة للوصول إلى صافي صفر انبعاثات كربونية.
الدمج بين الكهرباء والحلول الرقمية
وتعليقًا على ذلك، يقول دنيس مارنت – النائب الأول للرئيس للقطاع السكني والتوزيع بالمركز الدولي في شنايدر إلكتريك: “تؤمن شنايدر إلكتريك بأنّ الدمج بين الكهرباء والحلول الرقمية يمثل أحد أهم أساليب التعامل مع تحديات تغير المناخ، وهو ما يتيح لنا إيجاد مستقبل أكثر استدامة ومرونة من أجل الجميع. فعلى مدار القرنين الأخيرين، شهد العالم 4 ثورات تكنولوجية كبرى ساهمت في تغيير القطاع الصناعي بالكامل. من ناحية أخرى ستقوم منظومة الكهرباء التقليدية التي نعتمد عليها منذ قرون بإفساح المجال لنموذج جديد تمامًا للطاقة الكهربائية. إنّ حجم ونطاق تأثير وتعقد وقدرة مفهوم الكهرباء 4.0 على تحويل منظومة الكهرباء العالمية، لا يمكن مقارنته بأي شيء آخر شهدناه من قبل. إنّ هذا التحول الكبير يمثل تقارب غير مسبوق بين عالم الكهرباء والعالم الرقمي. إنه عالم كهربائي جديد تمامًا. إنه مفهوم الكهرباء 4.0.”
ومع تحول العالم ليصبح أكثر اعتمادًا على الطاقة الكهربائية، من خلال تطبيق حلول التحول الرقمي والاعتماد على وسائل المواصلات الكهربائية وتغيير أساليب التدفئة، فإنّ ذلك يعني زيادة معدلات استهلاك الطاقة في المستقبل. ولهذا سيعمل مفهوم الكهرباء 4.0 Electricity 4.0 على تحفيز التحول الرقمي لكل مكونات منظومة الطاقة، بما يتيح لنا زيادة حجم الطاقة المتجددة ضمن مزيج الطاقة، وتقليل 68% من الطاقة المفقودة والمهدرة حاليًا نتيجة ضعف كفاءة الإنتاج والاستهلاك.
ومن جانبه، أوضح المهندس سيف الدمرداش، نائب الرئيس للقطاع السكني والتوزيع بشركة شنايدر إلكتريك شمال شرق أفريقيا والمشرق العربي “يسهم قطاع المنازل فى حوالي 20% من الانبعاثات الكربونية حول العالم. ومن خلال حلول وخدمات شنايدر إلكتريك يمكن ترشيد استهلاك الطاقة والاعتماد بصورة أكبر على الكهرباء كمصدر للطاقة. ومع التوسع في المباني والمنازل والمدن الذكية والسيارات الكهربائية، فإن الاعتماد على الطاقة الكهربائية بصورة أكبر من شأنه المساهمة في خفض الانبعاثات الكربونية وتعزيز جهود الاستدامة. وعلى مستوي السوق المصري، فنحن نطمح أن يتواجد 1000 بيت ذكي على الأقل في مصر خلال 2023 حيث تسعى شنايدر إلكتريك من خلال مشروعاتها وفريق العمل أن يصبح البيت الذكي في متناول الجميع، و يتم العمل علي إطلاق مفهموم منازل المستقبل Homes of The Future والذي يستعرض كافة حلول الشركة للتحول للمنازل الذكية والتي نستهدف أن تكون متاحة للجميع.”
دمج الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة
يعتمد مستقبل الاستدامة بشكل رئيسي على نجاح مفهوم الكهرباء 4.0، وضخ كم مناسب من الاستثمارات لدعم الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG). إنّ الإطار العام لهذه الممارسات يتطلب تحمل الشركات ومؤسسات الأعمال للمسؤولية، وتطبيق عدد من المعايير والإجراءات لخفض التلوث وانبعاثات ثاني أكسد الكربون، وتقليل المخلفات. إنّ الإجراءات التي اتخذتها شنايدر إلكتريك في هذه الاتجاه تمثل نموذجًا إيجابيًا يحتذي لباقي الشركات والمؤسسات، حيث قامت شنايدر إلكتريك بدمج الاستدامة والأثر المجتمعي في كافة أنشطتها وعملياتها التشغيلية، من أجل خلق وتقديم قيم طويلة الأجل لكافة الأطراف ذات الصلة بأعمالها، وتحقيق نمو مربح على المدى الطويل. ومنذ عام 2005، تستخدم شنايدر إلكتريك تقرير أثر الاستدامة الربع سنوي الذي تصدره كمؤشر لمدى التقدم الذي تمكنت الشركة من إحرازه على مستوى الاستدامة، كما يساعد هذا التقرير على تحسين وتطوير استراتيجيات الشركة بشكل عام، وكذلك توقع المخاطر والفرص وإدارتها بكل كفاءة، عن طريق حشد قدرات الأطراف ذات الصلة من أجل تحقيق أهداف محددة قابلة للقياس.
ومن أهم المؤشرات التي تضمنها تقرير شنايدر إلكتريك الخاص بأثر الاستدامة خلال الربع الثاني من 2022:
• توفير كهرباء خضراء بلا انبعاثات لأكثر من 1.1 مليون شخص خلال الربع الثاني من 2022، وزيادة الأثر البيئي المُجمع ليشمل أكثر من 6.4 مليون شخص منذ يناير 2021 .
• إطلاق مدرسة الاستدامة لتثقيف موظفي الشركة وتعليمهم أهم الموضوعات المتعلقة بالمناخ والمجتمع، وتشجيعهم على التعامل واتخاذ الإجراءات التي من شأنها صنع فارق في كافة نواحي الحياة
• قيام الفرق المحلية والإقليمية بالتأكد من قدرة مبادرات الاستدامة المحلية المنفذة على إحداث أوسع تأثير ممكن، ويتضمن ذلك عددًا من المشروعات في كل من فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والصين والهند
• لعبت EcoStruxure، المنصة المفتوحة والمعتمدة على تطبيقات إنترنت الأشياء من شنايدر إلكتريك، دورًا محوريًا في مساعدة عملائنا وموردينا على تحقيق تقدم ملحوظ في جهود التخلص من الانبعاثات الكربونية وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمعدل 381 مليون طن منذ عام 2018 وحتى الآن.
إنّ الطلب على الكهرباء سيرتفع بحلول عام 2050 بمعدل ثلاث مرات مقارنة بمعدلات الطلب الحالية نتيجة جهود التحول الرقمي المتواصلة. ويمثل مفهوم الكهرباء 4.0 أداة فعالة للمساعدة في تشكيل مستقبل البشرية الخالي من الانبعاثات الكربونية بصورة أكثر كفاءة وسرعة. ولن تكون الشركات ومؤسسات الأعمال هي الرابح والمستفيد الوحيد من مفهوم الكهرباء 4.0، حيث تم تطوير هذه التكنولوجيا أيضًا ليستفيد منها أيضًا مالكو وقاطنو المنازل، ومساعدتهم على تطبيق أساليب أكثر استدامة في استخدام الطاقة وتوفير نفقاتهم الشهرية.
يضيف مارنت: “تشمل أيضًا ابتكارات شنايدر إلكتريك في مجال الاستدامة المنازل التي نسكنها، والتي تعني لنا أكثر من مجرد 4 جدران وسقف، حيث تتميز منازل المستقبل بقدرتها على دمج الكهرباء مع التكنولوجيا الرقمية بكل سلاسة، مما يجعلها أكثر ذكاءً واستدامة. إننا نقدم العديد من الحلول التكنولوجية للمنازل مثل تكنولوجيا Wiser Energy لمتابعة استهلاك الطاقة في المنازل وتحقيق وفورات كبيرة بكل سهولة وسلاسة. ويقوم هذا التطبيق الذكي بتحليل بيانات استهلاك الطاقة التي يتم جمعها من كل جهاز كهربائي في المنزل بمعدل مليون مرة في الثانية، وهو ما يتيح للقاطنين الاطلاع على استهلاك الطاقة في المنزل بصورة فورية، واتخاذ قرارات مؤثرة ومبنية على معلومات دقيقة بخصوص ترشيد استهلاك الطاقة في المنزل. وقد أشارت دراسة أجراها أحد شركائنا مؤخرًا إلى أنّ اطلاع صاحب المنزل على استهلاكه من الطاقة بصورة لحظية يتيح له تحقيق وفورات في الطاقة بمعدلات تتراوح من 7 إلى 10%”.